0
اتساع ثقب الأوزون

لم تعد قضية الأوزون مشكلة محلية او اقليمية ، بل اصبحت شأنا عالميا ، يحتاج الى تضافر الجهود لمواجهة الاخطار التي قد يحملها المستقبل.. و قد يتساءل البعض : لماذا كل هذا الاهتمام العالمي بقضية الأوزان ؟ وتكمن الاجابة في مدى خطورة الاثار الصحية و البيئية، لا على الانسان وحده، بل على الحيوان و النبات والنظم البيئية الاخرى.
فقد ذكر فريق العمل المعني بالتقويم البيئي و التابع لبرنامج الام المتحدة لشؤون البيئة في تقرير نشره في نوفمبر عام 1991، ان استنزاف طبقة الاوزون والزيادة الناتجة في الاشعة فوق البنفسجية قد يؤديان الى تعجيل معدل تكون الضباب الدخاني الذي يبقى معلقا في الاجواء لأيام عدة . مثلما حدث في لندن عام 1952 عندما ساد الضباب الدخاني جو هذه المدينة و حول نهارها الى ليل على مدى بضعة ايام ، و ادى الى خسائر
فادحة في الارواح وصلت الى حوالي 4 الاف حالة وفاة . كما ان تآكل درع
الاوزون قد يؤدي الى زيادة في معدلات سرطان الجلد اللاقتامي بنسبة 26%.
أما الاشعة فوق البنفسمجية من نوع
من الاخطار الصحية الاخرى لمشكلة تدهور حالة طبقة الاوزون حدوث مرض المياه البيضاء، (اي اعتام عدسة العين). فطبقا لتقرير الام المتحدة (سابق الذكر) فان نفاد الاوزون بمعدل 10% قد يتسبب في اصابة حوالي 1.7 مليون شخص سنويا، بهذا المرض نتيجة تعرضهم للاشعة فوق البنفسجية، اضافة الى اصابة العين بمرض الماء الازرق، لعدم قدرتها على مقاومة هذه الاشعة ، كما ان الكميات المتزايدة من الاشعة فوق البنفسجية ، و التي تخترق طبقة الاوزون ، تضعف فعالية جهاز المناعة عند الانسان ، و هذا ما يجعل الاشخاص اكثر عرضة للاصابة بالامراض المعدية ، الناتجة عن الفيروسات مثل الجرب ، و كذلك الناتجة عن البكتيريا كمرض السل ، و الامراض الطفيلية الاخرى.
و لا تتوقف الاثار السلبية لتقليص طبقة الاوزون على البشر وحدهم ، فيسهم تدمير طبقة الاوزون و اتساع الثقب في هذه الطبقة في زيادة درجة حرارة سطح الارض و بالتالي يؤدي ذلك الى ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري.
و لعل اكثر المناطق تضررا هي المنطقة المدارية ، نتيجة ارتفاع درجة الحرارة ، و قوة اشعة الشمس . كما تشير بعض البحوث الى ان نصف النباتات التي درست حساسة للاشعاعات
و من ناحية اخرى فهناك مخاوف من اضعاف تجمعات الكائنات الحية الدقيقة ، الموجودة في مياه البحار و المحيطات و المعروفة بالعوالق النباتية ، نتيجة تعرضها للاشعة فوق البنفسجية ، و تعتبر هذه الكائنات اساسا مهما لسلسلة الغذاء في الانظة البيئية المتواجدة في المياه العذبة و المالحة ، و في مقدمتها الاسماك و الربيان وغيرها.
كما ان العوالق النباتية تقوم بدور كبير قي امتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون في الجو و بذلك تخفف من وطأة الاحتباس
الحراري ، كما انها تطلق الاكسجين الضروري لاستمرار الحياة.
مم يتكون الأوزون؟
يتكون عنصر الأوزون من الاكسجين الجوي والاختلاف بينه و بين الاكسجين الجزيئي هو ان الاول متحد ثلاثيا في حين ان الاكسجين الجزيئي ، كما هي حالته الطبيعية التي نستنشقها ، مكون من ذرتين من الاكسجين ، و تحدث عملية اختزال
الاكسجين الجزيئي ، الذي يصل الى طبقات الجو السفلى الى اوزون فوق المناطق المدارية ، و ذلك بفعل الاشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة ، ذات الموجات 240- 300 نانومتر ، و من هناك ينتشر الاوزون في طبقة الغلاف الجوي على ارتفاعات تتراوح بين 20 و 50 كيلومترا فوق سطح الارض . و يعتبر الاوزون احد المكونات المهمة في الجو ، حيث يصل تركيزه الى ما يقرب من -1 ميكروغرام لكل غرام من الهواء، الا ان تنفس الهواء الغني بالاوزون يؤثر في الجهاز التنفسي و الجهاز العصبي و ينتج عن ذلك ضيق في التنفس ، و الصداع و الارهاق و تظهر هذه الاعراض بوضوح بين صغار السن و الشباب ، و لهذا فان اطفال المدارس في مدينة لوس انجلوس حيث مستويات الاوزون مرتفعة يجبرون على البقاء داخل ابنية المدارس عندما يصل تركيز الاوزون في الهواء الى 35 جزءا من المليون . عنصر شيطائي و قد حاول الباحثون في وكالة الفضاء الاميركية منذ ما يزيد على ربع قرن استغلال الأوزون كوقود لاطلاق المركبات الفضائية و قد وصفه بعضهم بانه عنصر شيطاني و لعل أهم الأسباب التي تهدد طبقة الأوزون في التلوث الصناعي للجو الناجم عن اكاسيد النيتروجين و المركبات المعروفة بـ "كلوروفلوروكربونات".
كما ان اول اكسيد النيتروجين ، و ثاني اكسيد النيتروجين اللذين ينطلقان من الطائرات سابقة الصوت ، التي تحلق بمستوى طبقة الأوزون و تخترقها يؤديان الى تحفيز تحلل الاوزون بواسطة تفاعلات كيميائية.
و كان اول من قدم توقعات علمية حقيقية ، لخطورة مركبات الكلوروفلوروكربونات على طبقة الاوزون هما العالمان دولاند و مولينا المختصان في كيمياء الظواهر الجوية في جامعة كاليفورنيا الاميركية ، حيث قاما عام 1974 بتخليق ظروف مختبرية شبيهة بتلك المتواجدة في وسط و خارج الطبقات العليا من الغلاف الجوي ، و هي المواقع التي تتركز فيها طبقة الأوزون الواقية . و قد ظهر لها ان هذه المركبات تدمر جزيئات الأوزون بفاعلية مرعية . و افترض هذان العالمان ان مركبات لكلوروفلوروكربونات يمكنها في نهاية المطاف ان تخرب 20% الى 30% من درع الاوزون الواقي كليا مما يهدد جميع اشكال الحياة على سطح الارض بعواقب وخيمة. في حين اشـار كثير من العلماء الشكوك حول توقعات دولاند و مولينا ، و اعتقد معظهم بان النقصان في طبقة الاوزون في وقت ما من القرن القادم لن يزيد عن 2 الى 4%.
القطب الجنوبي خال من الاوزون
في عام 1992 افاد تقرير لمنظمة الارصاد العالمية ان بعض المناطق فوق القطب الجنوبي خالية من الاوزون كليا، و خلص التقرير الى نتيجة مفادها ان ثقب الاوزون فوق هذه المنطقة ، قد اتسع الى رقم قياسي ، يصل الى حوالي 9 ملايين ميل مربع (ما يعادل ثلاثة امثال مساحة الولايات المتحدة الاميركية) اي بزيادة قدرها 25% ما كان متوقعا و بمعدل اسرع مما توقعه دولاند ومولينا.
اما بالنسبة لمنطقة القطب الشمالي من الكرة الارضية و التي تقع ضمنها دول مكتظة بالسكان في كل من اميركا الشمالية واوروبا واسيا فانها تعاني هي الاخرى من التأثير ذاته و لكن بشكل اقل وطأة مما هو عليه في القطب الجنوبي (5% الى 10% في الفترة من 1969- 1979) ، فقد وجد ان طبقة الاوزون في المنطقة الشمالية قد تلاشت خلال الفترة نفسها بنسبة 1،7% الى 3% و تنامى هذا التناقص ، فيما بعد الى معدل اعلى هو 4% الى 5% لكل عقد من الزمن ، و هو ضعف ما كان متوقعا اصلا.

هل نفقد ذات يوم مثل هذه المناظر النضرة
مفاوضات عاجلة
ازاء الوضع الخطير الذي تشهده طبقة الاوزون فقد التقت هيئة عالمية مكونة من 100 عالم عام 1987 لمناقشة جميع المعلومات المتوفرة و لاتخاذ القرارات لحل هذه القضية . كما دعت الامم المتحدة في العام نفسه الى مفاوضات عاجلة لتقليص انتاج و استعمال مركبات الكلوروفلوروكربونات دوليا وقد وقعت 91 دولة بتاريخ 15/9/1987 على ما عرف فيما بعد ببروتوكول مونتريال و قد اتفقت هذه الدول على خفض انتاجها من مركبات الكلوروفلوروكربونات ، و البالغ 90% من الانتاج العالمي . و عدل هدف البروتوكول في عام 1990 في لندن ليصبح تداول هذه المواد ممنوعا قطعيا عام 2000.
الحلول
هناك اجماع بين المنظمات الحكومية ، و غير الحكومية في العالم على ان بدائل الكلوروفلوروكربونات و الهالونات المقبولة بيئيا ، ستقدم نتائج مشجعة على المدى البعيد . و لكن الصعوبة في حماية طبقة الاوزون تكمن في المعوقات الفنية و التمويلية و من اكثر البدائل التي تم تطويرها لمواكبة المتطلبات البيئية والاقتصادية والصناعية والاستهلا كية التبريد الكهروحراري والتبريد بالامواج الصوتية. وفي هذا الاطار قدمت شركة اميركية ثلاجة منزلية صغيرة تعمل بدورة استرلنج التي تعتمد على مبدأ تسخين حجم ثابت من الغاز مثل الهيدروجين او الهيليوم يؤدي الى ارتفاع الضغط و ادعت الشركة ان كفاءة الثلاجة المطورة أفضل بالمقارنة مع الثلاجة التقليدية.
و في المكسيك نجح العلماء في تصنيع قوالب الثلج بتسخير الطاقة الشمسية ، و في هذا الصدد ايضا تم تصنيع جهاز تبريد من نوع ستار، يعمل بالامواج الصوتية ( الثرموأكوستيك ) و قد جرب بتفوق على متن مركبة الفضاء ديسكفري.
المرا جع

UVB ، فتلعب دورا رئيسيا في تكوين الاورام الجلدية القتامية ، و هي النوع الاشد خطرا ، و هذا يعني حدوث ما يقدر بحوالي 300 الف حالة سرطان جلد سنويا، وستكون حصة الولايات المتحدة فقط ما يقرب من 180 مليون حالة خلال ثمانين سنة ، ان لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل فاعل لوقف استنزاف طبقة الاوزون. UVB ينخفض انتاجها و يصغر حجم اوراقها ما يؤثر في انتاج المحاصيل الزراعية ، مثلما اوضحت بعض التقارير ، ان هناك احتمالات لتناقص انتاج فول الصويا بنسبة 23% نتيجة تعرضها لهذا النوع من الاشعاع . اضافة الى ان التراكيب الكيميائية، لبعض انواع النباتات ، قد تتغير بسبب هذا الوضع ، مما يضر بمحتواها من المعادن و قيمتها الغذائية ، بصورة عامة.

0 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

 

مدونة المواضيع و الوثائق الإدارية © 2012 | عودة الى الاعلى
Gaia 10 Pointer